من المتوقع أن ينظر الكونجرس وقبل أعياد الكريسماس –كما طالب الرئيس الأمريكي- طلب ادارة جورج بوش بتخصيص 46 مليار دولار اضافي لميزانية الدفاع عام 2008 بعد أن كانت ميزانيتها مائة وخمسين مليار دولار للعام الحالي في معركة سياسية جديدة سوف يشهدها مبني الكابيتول هيل بين الادارة الجمهورية والكونجرس الديمقراطي.
وفي حال اقرار هذه المخصصات المالية سوف تتراوح نسبة ميزانية الدفاع ما بين 4,3 – 5% من اجمالي الناتج القومي الأمريكي حسبما قالت مونيك موريسي الباحثة بمعهد السياسة الاقتصادية (EPI) في مطلع شهر أكتوبر لافتة الي أن نسبة ميزانية الدفاع الي اجمالي الناتج القومي كانت 3% فقط عندما تولي جورج بوش رئاسة أمريكا ثم زادت الي 4% من 2005-2007.
حربا العراق وأفغانستان هما السبب الرئيسي في طلب الادارة الأمريكية هذه الزيادة في المخصصات المالية لشئون الدفاع لكن الحرب علي الارهاب بشكل عام والقواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في جميع أنحاء العالم التي تعتبر الذراع الطولي للولايات المتحدة تمكنها من النيل من أي جهة "مارقة" هي الأخري تبتلع مليارات الدولارات.
مركز العلاقات الدولية الأمريكي الذي أنشئ بهدف جعل أمريكا عضوا أكثر مسئولية في المجتمع الدولي رصد مخطط لتيار المحافظين الجدد يدعم انشاء خمس قواعد عسكرية جديدة في افريقيا بنهاية عام 2008. هربرت دوسينا الباحث بمركز أبحاث "فوكاس" في آسيا رصد أيضا مساعي أمريكية لبناء قاعدة عسكرية جنوب الفلبين مدللا علي ذلك بأن الادارة الهندسية للبحرية الأمريكية "ناف فاك" Navfac منحت عقدا ب 450 مليار دولار لشركة Global Contingency Services لتوفير المساعدات الانسانية ودعم عمليات وخدمات القواعد العسكرية المؤقتة. وحسب موقع ناف فاك الرسمي فان هذه الوحدة مسئولة عن توفير الدعم والقواعد العسكرية للبحرية الأمريكية. فما هو حجم القواعد العسكرية الأمريكية في العالم؟
خريطة انتشار الجنود الأمريكيين
يستعرض تقرير بحثي صادر في شهر يوليو الماضي عن مركز "جلوبال ريسيرش" الكندي لأبحاث العولمة شبكة القواعد العسكرية الأمريكية العريضة في العالم من قواعد أرضية وبحرية وجوية أو حتي قواعد تجسسية ومخابراتية في كل بقاع الأرض تقدر بحوالي سبعمائة أو ثمانمائة قاعدة تكلف الولايات المتحدة سنويا مئات المليارات من الدولارات. وهي تستخدم في أغراض التدريب وتخزين الأسلحة والمعدات العسكرية التي يستخدمها الجيش الأمريكي في أي مكان. هذا بخلاف القواعد العسكرية داخل أمريكا نفسها والتي تصل الي ستة آلاف قاعدة حسب تقديرات في فبراير الماضي.
ومع زيادة شعور أمريكا بالخطر المحدق بها بعد هجمات سبتمبر أضيفت سبع دول جديدة الي قائمة الدول التي تسمح بوجود قواعد عسكرية أمريكية علي أراضيها. وبعد أن كان هناك 255،065 ألف جندي أمريكي منتشر في دول أجنبية عام 2002 قبل أن تحدث اعتداءات سبتمبر آثارها . أصبح الآن عددهم 325 ألفا منتشرين في أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية وأوروبا الغربية والشرق الأوسط ووسط آسيا واندونيسيا والفلبين واليابان. ويشير التقرير الي أن العديد من القواعد الجديدة التي أنشأتها الولايات المتحدة مؤخرا هي قواعد تجسسية ومخابراتية متصلة بالأقمار الصناعية.
انتشار الجنود الأمريكيون حول العالم:
116 ألفا في أوروبا منهم 75،603 ألفا في ألمانيا
97 ألفا في آسيا (ما عدا الشرق الأوسط ووسط آسيا)
40،258 ألفا في كوريا الجنوبية
40،045 ألفا في اليابان
ستة آلاف في الشرق الأوسط (بخلاف العراق) منهم 3،432 في قطر و 1،496 في البحرين
ألف في وسط آسيا
800 في افريقيا
700 في جوانتانامو و413 في هندوراس و147 في كندا
491 في قاعدة دييجو جارسيا في المحيط الهندي
200 في أستراليا
196 في سنغافورة و100 في الفلبين
113 في تايلاند
601،16 ألفا في البحار
وفي ابريل عام 2006 وقعت كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية اتفاقا مع نطيرها البلغاري ايفاليو كالفين يسمح بانتشار 2500 جندي أمريكي في بلغاريا لمدة عشر سنوات قادمة يزدادوا الي خمسة آلاف بعد مضي شهر علي توقيع الاتفاق. وسيتركز الجنود الأمريكيون في أربع قواعد بلغارية منهم نحو قاعدتين جويتين لأغراض تدريبية.
شبكة القواعد العسكرية الأمريكية
تتركز القواعد العسكرية الأمريكية بصفة أساسية في أوروبا الغربية حيث توجد نحو 26 قاعدة في ألمانيا وثمانية في بريطانيا وثمانية في ايطاليا بالاضافة الي تسعة مراكز في اليابان. وقد أنشأت أمريكا نحو أربعة عشر قاعدة جديدة في الخليج العربي وحوله خلال السنوات الأخيرة كما بنت وعززت عشرين قاعدة في العراق تكلفت 1،1 مليار دولار.
كما استمرت المفاوضات بين الولايات المتحدة وعدد من الدول بهدف انشاء مزيد من القواعد العسكرية أو التوسع في القواعد الموجودة بالفعل وهي الدول التالية (المغرب والجزائر ومالي وغانا والبرازيل وأستراليا وبولندا والتشيك وأوزبكستان وطاجكيستان وكيرجيستان وايطاليا وفرنسا).
وقد أثمرت هذه المفاوضات بالنجاح أحيانا حيث وافقت جيبوتي في العام الحالي علي بناء قاعدة عسكرية أمريكية علي أرضها ضمن خطة أمريكية لبناء شبكة من القواعد تربط بين الغرب والشرق امتدادا من كولومبيا في أمريكا الجنوبية مرورا بشمال افريقيا والشرق الأوسط ووسط آسيا وانتهاءا بالفلبين.
مطالب دولية بتفكيك القواعد
أمام هذه الشبكة العريضة من القواعد العسكرية والتي يراها الكثيرون انتهاكا لسيادة دولهم زادت حركات المقاومة والمنظمات المدنية الداعية لتفكيك القواعد الأمريكية سواء في كوريا الجنوبية أو بورتوريكو أو الفلبين أو كوبا أو أوروبا أو اليابان. وتشكلت الشبكة الدولية لازالة القواعد العسكرية الأمريكية International Network for the Abolition of US Military Bases التي تسعي الي اطلاق حملات توعية تعليمية تثقيفية لكسب الرأي العام بالاضافة الي الاستفادة واعادة تأهيل المقرات السابقة للقواعد العسكرية الأمريكية مثلما هو الحال في أوروبا الغربية.
تقول الشبكة علي موقعها
https://www.no-bases.org ان هذه الحركات الشعبية قد تكللت جهودها بالنجاح وأوقفت الاتفاقيات الثنائية مع أمريكا وذلك في بعض الدول مثل الفلبين وبورتوريكو لتبدأ مرحلة ثانية هي دفع الولايات المتحدة الي تنظيف مقر القاعدة تماما من أي ملوثات. دول أخري مثل كوريا الجنوبية واليابان تستمر فيها هذه المقاومة لعدة أجيال دون أن تؤتي ثمارها حتي الآن. المجموعة الثالثة من الدول هي الاكوادور وباراجواي وأوزبكستان وبلغاريا التي بدأت فيها هذه الحركات مؤخرا.
وفي مارس الماضي، عقدت الشبكة الدولية مؤتمرها في الاكوادور الذي استمر أربعة أيام واستعرض الدور الذي تلعبه القواعد العسكرية الأجنبية. وهدف المؤتمر للتوعية بتأثير هذه القواعد علي الصعيد السياسي والاجتماعي والبيئي والتوسع في الشبكة وفي هيئتها وفي خططها وفي أنشطتها المستقبلية مع تبادل الخبرات بين هذه الحركات والمنظمات المدنية من دول مختلفة.
المصدر : تقرير واشنطن