الرحيم
دايةً.. ألف رحمة على روح الشهيد ياسر فريج عيسوي ضابط حرس الحدود المصري الذي لقي ربه على الحدود مع العدو الصهيوني، لكن الانتهازية البشعة لذوي الأغراض المريضة أرادت اتهام حركة المقاومة الإسلامية حماس بأنها المسئولة عن قتله.
فقد حوَّل هؤلاء المغرضون جنازة الشهيد في محافظة كفر الشيخ إلى مظاهرة؛ ليست للتضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة، ولكنها مظاهرة للتنديد بحماس واعتبارها المسئول الأول والأخير عن استشهاد الضابط، وحرَّضوا المواطنين على الثورة ضد حماس.
ودأب الإعلام الرسمي خلال اليومين الماضيين على إثارة مشاعر المصريين وتأجيجها ضد حماس بهدف تشويه صورتها بعد الالتفاف الشعبي حول المقاومة في غزة.. نحقِّق في الاتهامات لتوضيح الصورة:
شاهد عيان
د. عبد القادر حجازى
في البداية يروي لنا الوقعة أحد شهود العيان، وهو الدكتور عبد القادر حجازي أمين لجنة الإغاثة بنقابة أطباء مصر، والذي كان موجودًا في معبر رفح أثناء حدوث ذلك، قائلاً: "القصف الصهيوني على الشريط الحدودي بين مصر وغزة تسبَّب في انهيار جزء من السور الأسمنتي على الجانب الفلسطيني؛ مما أدى إلى اندفاع بعض الفلسطينيين إلى داخل الحدود المصرية".
ويضيف د. حجازي أنه نتيجة اندفاع الفلسطينيين تصدَّت قوات الأمن المصرية لهم وأطلقت عليهم الرصاص الحي؛ مما أدى إلى مقتل أحد الشباب الفلسطينيين، والذي كان والده بجواره، وعندما رأى الأب ابنه يغرق في دمائه لم يشعر بنفسه إلا وهو يصوب سلاحه إلى الجنود واستقرت الرصاصة في الضابط المصري.
وحول الاتهامات التي لفَّقها الإعلام المصري لحركة المقاومة الإسلامية حماس بمسئوليتها عن مقتل الضابط المصري؛ قال د. حجازي: "أنا وصفت الوقعة كما شاهدتها بأم عيني، وليس لدي أي تعليق آخر".
تضخيم باطل
د. رفعت سيد أحمد
ويقول الدكتور رفعت سيد أحمد رئيس مركز يافا للدراسات الإستراتيجية إن قتل أي مصري أو فلسطيني برصاص أحدهما مُدانٌ بشكل كامل، ولكن التضخيم في القضية إعلاميًّا وسياسيًّا وإنسانيًّا أشبه بـ"كلمة باطل يراد بها باطل".
وأشار د. رفعت إلى أنه منذ اتفاقية كامب ديفيد قتل العشرات من المدنيين والعسكريين المصريين ولم يتم تضخيم الحدث مثلما تم مع هذا الضابط الشهيد.
ويرى أن هناك أهدافًا أخرى مقصودة وراء هذا التضخيم؛ ليس حبًّا في الضابط أو الجيش، إنما بهدف لفت أنظار الشعب المصري إلى قضايا ثانوية وفرعية وأخطاء غير ثابتة أو دائمة؛ فهو خطأ شاذٌّ وليس قاعدة، مؤكدًا أن الهدف هو استغلال الحادثة لتشويه صورة حماس والمقاومة الفلسطينية، وهو ما قام بسببه "طاقم المارينز الإعلامي المصري" بالتطبيل والتزمير له.
وشدد د. رفعت على أن الهدف الآخر من حملة "التطبيل" هو لفت الأنظار عن العجز المصري الرسمي أو ما يمكن أن نسميَه التواطؤ الرسمي المصري وإعطاء مبرر عن عدم فتح معبر رفح لهذا الغرض، وهذا- بالطبع- غير صحيح.
إثارة الفتنة
اللواء طلعت مسلم
وأكد اللواء طلعت مسلم الخبير الإستراتيجي أن الحملة التي يقودها النظام المصري لتشويه صورة حماس لدى الشعب المصري؛ هدفُها بالأساس هو إثارة الفتنة والكراهية بين الشعبين للتغطية على الموقف المصري تجاه ما يحدث في غزة والتخديم على السياسة المصرية في التعامل مع الأزمة.
وشدد مسلم على أن الإعلام المصري الرسمي دأب على إحداث توتر بين الشعبين من خلال الحديث عن المزايدة على الدور المصري في فلسطين والتضحيات التي قدَّمتها مصر في أربع حروب متتالية من أجل فلسطين والقضية الفلسطينية.
وأشار مسلم إلى أن السبب فيما حدث في المقام الأول هو استهداف الكيان الصهيوني للشريط الحدودي والأنفاق في رفح؛ مما أدى إلى اندفاع الفلسطينيين إلى مصر، فتصدَّت لهم قوات حرس الحدود وحدث بينهما اشتباكات استُشهد خلالها الضابط المصري.
وأكد مسلم أن الاتهامات المُوجَّهة إلى حماس عارية تمامًا من الصحة، ويجب على من يتهمها أن يأتيَ بالدليل على تورط حماس.
وقال مسلم إن الفلسطينيين عاشوا- وما زالوا يعيشون- وسط المصريين دون أية مشاكل، ولم تُحدث مثل هذه الحملات المستهدفة الوقيعة بين الشعبين، كما أن الفلسطينيين كانوا معنا في فترات الحروب فلا تكون النتيجة كذلك.
تشويه حماس
محمد عصمت سيف الدولة
وفي نفس الإطار قال المهندس محمد عصمت سيف الدولة الخبير بالشأن الفلسطيني: "إن التفافَ الشعب المصري والعربي حول المقاومة والضغط الشعبي على النظام المصري لفتح معبر رفح والضغط على الصهاينة لإيقاف مجزرة غزة؛ دفع النظام إلى محاولة تشويه صورة حماس لدى الشعب المصري".
وأضاف سيف الدولة أن النظام المصري بدلاً من أن يستجيب للضغوط الشعبية استخدم أحداثًا ليس لها معنى، ووظَّف أحداثًا سياسية ضد المقاومة في غزة للتغطية على مواقفه وتحويل المسار إلى اتجاه غير صحيح.
وأشار سيف الدولة إلى أننا الآن في حالة حرب، ولا نستطيع التحقق من الوقائع، ولو سألت أي فلسطيني في غزة عن رغبته في قتل أحد المصريين ستكون الإجابة بالنفي طبعًا، وهذا كلام لا يقبل الشك.
وأكد سيف الدولة أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تستطيع الضغط على الصهاينة لوقف المجزرة لو هدَّدت بقطع العلاقات، ولكنها لم تفعل، وهذا أمر مرفوض تمامًا وغير مقبول.
حوادث سابقة
عبد القادر ياسين
ومن جانبه أكد عبد القادر ياسين المفكِّر الفلسطيني أن الشهيد المصري هو زميل الشهيد الفلسطيني الذي قتلته قوات الأمن المصرية عن طريق الخطأ.
وأضاف ياسين أنه في أحد اللقاءات مع محافظ شمال سيناء قال المحافظ: "إن حماس هي مَن قتلت الضابط المصري"، فردَّ ياسين سائلاً المحافظ: "هل شرَّحتم جثة الشهيد وأخرجتم الرصاصة وتبيَّن منها أن مَن قتل الضابط من حماس؟!".
وتعجَّب ياسين من موقف مَن يتهمون حماس بأنها مَن قتلت الضابط ويروِّجون لهذا الاتهام دون أدنى دليل بمجرد كلام مرسل واتهام باطل لتحريف وجهة نظر الناس عن حقيقة ما يحدث في غزة.
وأشار ياسين إلى أن هناك العديدَ من الجنود والضباط المصريين استُشهدوا على الحدود الفلسطينية برصاصٍ صهيوني ولم يتحرَّك ساكن مثلما حدث الآن، مؤكدًا أن سبب ذلك هو تشويه صورة حماس بعد التفاف الشعب المصري حول المقاومة في غزة.