الرحيم
""""""""
ما حكم قراءة القرآن للميت على القبر؟ وهل يصل ثوابها إليه ؟
أجمع العلماء على أن القراءة على القبر لا تَحْرُم، ولا يأثم فاعلها، وذهب جماهير العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى استحبابها، لما روى أنس مرفوعًا قال : «من دخل المقابر فقرأ فيها (يس) خفف عنهم يومئذ، وكان له بعددهم حسنات»([1]) ،
ولما صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عنده بفاتحة البقرة وخاتمتها. ([2])
أما المالكية فقد ذهبوا إلى كراهة القراءة على القبر، ولكن الشيخ الدردير رضي الله عنه قال : «المتأخرون على أنه لا بأس بقراءة القرآن، والذكر، وجعل ثوابه للميت، ويحصل له الأجر إن شاء الله»([3]).
والخلاف في هذه المسألة ضعيف، ومذهب من استحب قراءة القرآن وأجازها هو الأقوى؛
حتى إن بعض العلماء رأى أن هذه المسألة مسألة إجماع وصرحوا بذلك، وممن ذكر هذا الإجماع الإمام ابن قدامة المقدسي الحنبلي؛ حيث قال : «وأي قربة فعلها، وجعل ثوابها للميت المسلم، نفعه ذلك، إن شاء الله ... - إلى أن قال - قال بعضهم : إذا قرئ القرآن عند الميت، أو أهدي إليه ثوابه، كان الثواب لقارئه، ويكون الميت كأنه حاضرها، فترجى له الرحمة.
ولنا ما ذكرناه، وأنه إجماع المسلمين؛ فإنهم في كل عصر ومصر يجتمعون ويقرءون القرآن، ويهدون ثوابه إلى موتاهم من غير نكير »([4]) ا هـ.
وقد نقل الإجماع أيضًا الشيخ العثماني ، وعبارته في ذلك : «وأجمعوا على أن الاستغفار، والدعاء، والصدقة، والحج، والعتق تنفع الميت ويصل إليه ثوابه، وقراءة القرآن عند القبر مستحبة»([5]) ا هـ.
ونص العلماء على وصول ثواب القراءة للميت، وأخذوا ذلك من جواز الحج عنه ووصول ثوابه إليه؛ لأن الحج يشتمل على الصلاة، والصلاة تقرأ فيها الفاتحة وغيرها، وما وصل كله وصل بعضه، فثواب القراءة يصل للميت بإذن الله تعالى خصوصًا إذا دعا القارئ أن يهب الله تعالى مثل ثواب قراءته للميت.
وعلى ما تقدم فإن أغلب العلماء - بل نقل بعضهم الإجماع - على جواز القراءة على الميت كما بينا،
وأما إهداء الثواب للميت وهل يصل فالجمهور على أنه يصل، وذهب الشافعية إلى أنه يصل كدعاء بأن يقول القارئ مثلاً : «اللهم اجعل مثل ثواب ما قرأت لفلان» لا إهداء نفس العمل،
والخلاف يسير، ولا ينبغي الاختلاف في هذه المسألة، والله تعالى أعلى وأعلم.
المصدر:
دار الافتاء المصريه